يكشف تقرير جديد أصدره المركز السوري للعدالة والمساءلة اليوم عن شبكة واسعة من مراكز الاحتجاز استخدمها تنظيم داعش لإخفاء الآلاف من الناس في شمال شرق سوريا في الفترة ما بين 2013 و 2019. حيث استخدمت أجهزة داعش الأمنية هذه الشبكة المؤلفة من 150 مركز شرطة ومعسكر تدريب وسجنًا أمنيًا سريًا لاحتجاز المقاتلين والمدنيين المختطفين، وأحيانًا إصدار أحكام أفضت إلى موت هؤلاء. يكشف المركز السوري للعدالة والمساءلة عن مواقع مراكز الاحتجاز هذه لأول مرة في تقريره، والذي يحمل عنوان ” إحياء الأمل: البحث عن ضحايا داعش من المفقودين”. يوثق التقرير طبيعة اعتقالات داعش وعمليات نقل السجناء وخلفيات المعتقلين والجناة. حيث تتيح هذه المعلومات إجراء التحقيقات الجنائية والطب الشرعي للبحث في مصير مختطفي داعش ومعرفة ما حل بهم. 

وحول ذلك يقول محمد العبد الله، المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة: “أصبح لدينا الآن فكرة عن أسباب اختطاف داعش للناس وأماكن احتجازهم في شمال شرق سوريا قبل اختفائهم.” وأضاف: “نستطيع استخدام هذه المعلومات لمحاولة تحديد أين انتهى المطاف بهؤلاء، حتى تتمكن عائلاتهم من معرفة الحقيقة.” فلا تزال الآلاف من عائلات المفقودين عالقة في منطقة رمادية من الناحية النفسية والقانونية بالرغم من مرور سنوات على اختفاء أحبائهم، ولا زالوا يحاولون جاهدين الحصول على أي معلومات تكشف عن مصيرهم ولم يتمكنوا إلى الآن من الحداد على فقدانهم لأبنائهم وبناتهم.

يأتي هذا التقرير في توقيت مهم، حيث بدأ تنظيم داعش بإعادة تجميع صفوفه لأول مرة منذ هزيمته الميدانية، وبدأ يعاود الظهور في سوريا والعراق، الأمر الذي تجلى في الهجوم الأخير على سجن الغويران في الحسكة. وفي هذا الصدد يقول غابرييل يونغ، زميل أبحاث في المركز السوري للعدالة والمساءلة، والمؤلف الرئيسي للتقرير: “لا يتطلب الحفاظ على هزيمة داعش إجراءات أمنية مشددة فقط، ولكنه يحتاج كذلك إلى تحقيق العدالة الحقيقية للضحايا وإتاحة المجال للمصالحة ومحاسبة الجناة.”

يعد تقرير “إحياء الأمل” الدراسة الأشمل المتوفرة عن جهاز مراكز الاحتجاز لدى تنظيم داعش: وهو يعتمد على 256 مقابلة أجريت مع أفراد سابقين في التنظيم وعدد من الشهود والناجين من سجون داعش وعائلات المفقودين. يحلل التقرير كذلك 277 وثيقة تم تهريبها من مكاتب أجهزة داعش الأمنية في شمال شرق سوريا وصور الأقمار الصناعية للقبور الجماعية التي حُفرت خلال سيطرة داعش على المنطقة. ويرافق هذا التقرير خريطة محدثة متوفرة على موقع “الحقيقة بعد داعش،” ويمكن لمستخدمي الموقع الإلكتروني الوصول لمعلومات عن كل قبر على حدة ومركز احتجاز وثّقه المركز السوري.

وبالرغم من أن تنظيم داعش اجتذب اهتمامًا إعلاميًا كبيرًا بسبب الفظائع الوحشية التي ارتكبها، إلا أنه لا تتوفر سوى معلومات قليلة حتى الآن عن حالات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري التي ارتكبها التنظيم بكثرة، لدرجة أنها يمكن أن تُعد جرائم ضد الإنسانية. كذلك، وبعكس صورة العنف الغاشم الممنهج الذي يوحي به تنظيم داعش، يبين هذا التقرير أن هذه الأساليب الممنهجة تحديدًا هي التي تعطي الأمل في إمكانية تحديد دوائر الاحتجاز والإعدامات وأماكن الدفن، الأمر الذي قد يؤدي إلى تحديد الأشخاص المفقودين من قبل مجموعات مثل فريق شؤون المفقودين والطب الشرعي السوري.

وبناء على النتائج التي توصل إليها التقرير، يطالب المركز السوري للعدالة والمساءلة السلطات في شمال شرق سوريا والتحالف الدولي للقضاء على داعش والفاعلين الدوليين في مجال العدالة الدولية بدعم التحقيقات التي يقوم بها المركز السوري وفريق شؤون المفقودين والطب الشرعي السوري عن طريق إطلاعهم على وثائق تنظيم داعش الداخلية التي تم الحصول عليها خلال تحرير شمال شرق سوريا، والسماح بإجراء المقابلات مع أفراد داعش المعتقلين لديهم ودمج هذه التحقيقات في النقاشات حول ملف المفقودين الأوسع في سوريا. 

###

المركز السوري للعدالة والمساءلة (SJAC) هو منظمة مجتمع مدني سورية تعمل من أجل دولة سورية ينعم فيها الناس بالعدل واحترام حقوق الإنسان، وسيادة القانون، حيث يعيش المواطنون من جميع مكونات المجتمع السوري بسلام ودون خوف. وتتمثل رسالة المركز في تعزيز العدالة والمساءلة في سوريا من خلال ضمان توثيق انتهاكات حقوق الإنسان بصورة شاملة، والحفاظ على بيانات التوثيق، وفهرستها، وتحليلها بشكل آمن بهدف تعزيز العدالة الانتقالية وبناء السلام.

للاستفسارات الإعلامية، يرجى التواصل مع: 

محمد العبد الله، باللغتين الإنجليزية والعربية

[email protected] 

+1-202-704-3215

غابرييل يونغ

[email protected]

+1-574-850-9975